الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****
إذا تلف العوض بعد العقد ثمّ علم عيبه، والصّرف معيّن والعيب من نفس الجنس، ولم يعلم العيب إلاّ بعد تلف العوض المعيب، فهل يصحّ العقد أو يفسخ ويردّ مثل التّالف ؟ ولو أمسك هل له أخذ الأرش ؟ بيان ذلك فيما يلي: أ - حكم العقد من حيث الإمضاء أو الفسخ: 28 - اختلف الفقهاء في ذلك على مذهبين: المذهب الأوّل للشّافعيّة والحنابلة وأبي يوسف من الحنفيّة، وهو أنّ العوض في الصّرف إذا تلف بعد القبض ثمّ علم عيبه فسخ العقد وردّ الموجود، وتبقى قيمة المعيب في ذمّة من تلف في يده. سواء كان الصّرف بجنسه أو بغير جنسه، كما إذا صارف ذهباً بذهب أو ورقاً بورق. ولا يأخذ الأرش ؛ لأنّه يحصل معه في البيع تفاضل، ولا يمكن الرّدّ ؛ لأنّ ذلك تالف لا يمكن ردّه، يمكن أن يقال: إنّه يقرّ العقد ولا شيء له ؛ لأنّه قد علم بالعيب، فلا بدّ له من استدراك ظلامته، فدعت الضّرورة إلى فسخ العقد وردّ الموجود، وتبقى قيمة المعيب في ذمّة من تلف في يده، فيردّ مثلها أو عوضها. وفي المغني إن تلف العوض في الصّرف بعد القبض ثمّ علم عيبه، فسخ العقد وردّ الموجود، وتبقى قيمة المعيب في ذمّة من تلف في يده. فيردّ مثلها أو عوضها إن اتّفقا على ذلك، سواء كان الصّرف بجنسه أو بغير جنسه. ذكره ابن عقيل. المذهب الثّاني لأبي حنيفة ومحمّد، وهو أنّ البيع صحيح، وليس له شيء على البائع، فلو اشترى ديناراً بعشرة دراهم وتقابضا والدّراهم زيوف فأنفقها المشتري وهو لا يعلم، فلا شيء له على البائع، وقال أبو يوسف: يردّ مثل ما قبض ويرجع بالجياد. وذكر فخر الإسلام وغيره أنّ قولهما قياس، وقول أبي يوسف استحسان. وحيث إنّ الحنفيّة ذكروا الأمثلة في الدّراهم والدّنانير، وهي لا تتعيّن عندهم، والكلام في المعيّن، لم نجد لهم نصّاً صريحاً في هذا، ولكنّ الحكم لا يختلف ؛ لأنّه سواء كان العوض معيّناً أو غير معيّن فبالتّلف تساويا في عدم القدرة على الرّدّ أو الاستبدال إن قيل به، وليس هناك طريق آخر يمكن القول به غير هذا. ب - حكم أخذ الأرش في المعيب التّالف بعد القبض: 29 - إذا كان الصّرف من جنس واحد، كذهب بذهب أو فضّة بفضّة، ففيه مذهبان: المذهب الأوّل للحنفيّة وأكثر الشّافعيّة والأولى عند الحنابلة: أنّه لا يجوز أخذ الأرش أو نقصان العيب في متّحدي الجنس لأنّ أخذ الأرش في متّحدي الجنس يؤدّي إلى التّفاضل في الجنس الواحد. المذهب الثّاني: للقاضي حسين من الشّافعيّة: إذا فسخ العقد في المعيب التّالف، فإنّه يرجع بأرش العيب، مثل أن يكون التّالف معيباً بعشر قيمته، فإنّه يستردّ منه عشر القيمة ؛ لأنّ المماثلة في مال الرّبا تشترط حالة العقد، واسترجاع بعض الثّمن حقّ ثبت له ابتداءً، فلا يراعى فيه معنى الرّبا. والقول بأخذ الأرش رواية عند الحنابلة وإن كانت خلاف الأولى. 30 - إذا كان الصّرف من جنسين، كدنانير بدراهم ففيه مذهبان. المذهب الأوّل للحنفيّة وهو وجه عند الشّافعيّة: يجوز أخذ الأرش. وأجاز ذلك الحنابلة: إذا كان ذلك في المجلس ؛ لأنّه لا يترتّب عليه تأخير في قبض العوض، بل يتمّ القبض قبل التّفرّق، ولأنّ المماثلة في مختلفي الجنس غير معتبرة فلا مانع من أخذ الأرش مع عدم إمكان الرّدّ لتلف العوض. المذهب الثّاني: لا يجوز الرّجوع بأرش عيب الدّراهم والدّنانير، قال السّبكيّ: هذا قول الشّيوخ من أصحابنا البصريّين والجمهور من غيرهم ؛ لأنّ الصّرف أضيق من البياعات، فلم يتّسع لدخول الأرش فيه.
31 - الصّرف هنا معيّن، سواء كان من جنس واحد، كدنانير بدنانير أو دراهم بدراهم، أو من جنسين كدنانير بدراهم، والعيب من غير الجنس كأن يجد الدّنانير نحاساً أو يجد الدّراهم رصاصاً أو ستّوقاً، وسواء وجد ذلك قبل القبض أو بعده، فهل يبطل الصّرف مطلقاً؟ أو يجوز له الإبدال في المجلس وبعده ؟ أو يجوز له الرّضا به ؟ وهل له الرّدّ والإبدال لو كان علم بهذا العيب عند العقد أو عند القبض ؟ اختلف الفقهاء في ذلك على أربعة أقوال: القول الأوّل: أنّ الصّرف باطل ويسترجع جميع الثّمن، وهذا هو مذهب الحنفيّة، وما نصّ عليه الشّافعيّ، وتبعه على ذلك معظم الأصحاب، وما نصّ عليه أحمد بن حنبل والطّريقة الثّانية عند المالكيّة، سواء كان المغشوش عندهم نقص عدد أو وزن أو رصاص أو نحاس خالصين أو مغشوشين. فالمغشوش المعيّن فيه قولان: المشهور منهما نقض الصّرف وعدم إجازة البدل ؛ لأنّ المشار إليه ليس من جنس المسمّى والعقد إنّما يتعلّق بالمسمّى، لأنّ انعقاده بالتّسمية، والمسمّى معدوم، فلا بيع بينهما، قاله الحنفيّة والشّافعيّة. ولأنّه باعه غير ما سمّى له فلم يصحّ، كما لو قال: بعتك هذه البغلة فإذا هو حمار، أو هذا الثّوب القزّ فوجده كتّاناً. القول الثّاني: أنّ البيع صحيح والمشتري مخيّر بين الإمساك والرّدّ وأخذ البدل. ويصحّ أيضاً إذا رضي المشتري بالعيب مجّاناً، سواء قبل التّفرّق أو بعده، أو رضي البائع بإبداله، قاله المالكيّة وهو ما رواه أبو عليّ الطّبريّ في الإفصاح فقد قال: من أصحابنا من قال: البيع صحيح يثبت فيه الخيار ؛ لأنّ العقد ورد على عينه. وهو الرّواية الثّانية الّتي رواها أبو بكر عن أحمد ؛ لأنّ المشتري إذا رضي بالعيب فالبيع صحيح وليس له غير ذلك. أمّا إذا لم يرض فالعقد وارد على عينه، وللمشتري الخيار بين الإمساك أو الرّدّ وأخذ البدل. القول الثّالث: يفرّق أصحاب هذا القول بين ما إذا ظهر العيب في المجلس قبل التّفرّق أو بعد التّفرّق. فإذا كان قبل التّفرّق كان له البدل أو الفسخ، وبعده لا يجوز ويبطل الصّرف ولو بدّل بعد المجلس، قال بذلك الحنفيّة ؛ لأنّ العقد لا يتمّ بينهما إلاّ بالتّفرّق بالأبدان أو التّخيير، فإذا ردّها في المجلس وقبض الجياد جاز، وجعل كأنّه أخّر القبض إلى آخر المجلس. أمّا بعد التّفريق فلا يجوز والصّرف باطل. القول الرّابع: أنّ العقد يلزم وليس له ردّ ولا إبدال على خلاف بين القائلين به. فذهب الحنفيّة إلى ذلك بشرط علم المشتري عند القبض بالعيب، وكذا عند العقد، فلا يجوز له أن يردّها ويأخذ الدّراهم الجياد. والرّواية الثّالثة الّتي رواها أبو بكر عن أحمد أنّه يلزمه العقد وليس له ردّه ولا إبداله ؛ لأنّ العقد وارد على معيّن، وقد رضي المشتري بعينها مع العلم بعيبها ولهذا لو كان لا يعلم أحدهما، أو لا يعلمان بعيبها لا يتعلّق العقد بعينها ولأنّه أتى بلفظ البيع وعيّن، فهو مطلق بيع إن كان له قيمة، ولا يكون له الرّدّ إلاّ إذا كان جاهلاً بالعيب.
32 - العيب إمّا أن يظهر قبل الافتراق أو بعده، وإمّا أن يكون العيب من نفس الجنس أو من غير الجنس. والحكم هنا بالنّسبة لأخذ البدل يختلف فيما إذا ظهر العيب قبل الافتراق أو بعده ونبيّن ذلك في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: إذا ظهر العيب قبل التّفرّق والعيب من جنسه أو من غيره. 33 - اتّفق الفقهاء على أنّه إذا ظهر العيب في المجلس قبل التّفرّق له المطالبة بالبدل سواء كان العيب من جنسه أو من غير جنسه وأضاف المالكيّة أنّه يجبر الممتنع عن إتمام الصّرف بدفع البدل.
كما اتّفق الفقهاء على أنّه إذا رضي واجد العيب به صحّ الصّرف إذا كان العيب لا يخرجه عن الجنس، أمّا إذا كان العيب يخرجه عن الجنس فليس له الرّضا به، إلاّ ما قاله المالكيّة من أنّ له أن يرضى به. وفي حالة ما إذا رضي بالعيب الّذي لم يخرجه عن الجنس فليس له أخذ أرش العيب إذا كان الصّرف متّحد الجنس، نصّ على ذلك الشّافعيّة والحنابلة. وإذا كان الصّرف في مختلف الجنس جاز أخذ الأرش، نصّ عليه الحنابلة. واستدلّوا على ذلك بأنّ العقد وقع على مطلق لا عيب فيه. فله المطالبة بما وقع عليه العقد، كالمسلم فيه، وبأنّ المعقود عليه ما في الذّمّة - وقد قبض قبل التّفرّق أو كأنّه أخّر القبض إلى آخر المجلس. وبأنّ ما في الذّمّة صحيح لا عيب فيه، فإذا قبض معيباً كان له أن يطالب بما في ذمّته ممّا يتأوّله العقد، كما إذا قبض المسلم فيه ثمّ وجد به عيباً، فإنّ له أن يطالب ببدله، وبأنّ شرط المماثلة في متّحد الجنس يمنع من أخذ الأرش لما يؤدّي إلى المفاضلة غير الجائزة. ولا يشترط ذلك في مختلف الجنس إذا كان ذلك في المجلس قبل التّفرّق لأنّه لا يترتّب عليه تأخير في قبض بعض العوض. المسألة الثّانية: إذا ظهر العيب بعد التّفرّق والعيب من نفس الجنس والفرض أنّ الصّرف في الذّمّة فهل له أخذ البدل كما كان قبل التّفرّق ؟ أو يبطل الصّرف إن لم يرض به ؟ 34 - للفقهاء في هذه المسألة مذهبان: المذهب الأوّل لأبي يوسف ومحمّد من الحنفيّة: أنّه إذا رضي به جاز سواء كان قبل الافتراق أو بعده ؛ لأنّ الزّيوف من جنس حقّه. وإن استبدلها في مجلس الرّدّ جاز أيضاً، لأنّ استبدالها قبل الافتراق جائز إجماعاً. والقول بجواز أخذ البدل هو أصحّ القولين عند الشّافعيّة، ورواية عند الحنابلة اختارها الخلّال والخرقيّ. واستدلّوا على ذلك: بأنّ القبض في الزّيوف وقع صحيحاً ؛ لأنّه قبض جنس حقّه، ألا ترى أنّه لو تجوّز بها جاز، ولو لم يكن من جنس حقّه لما جاز كالسّتّوق، إلاّ أنّه فاتته صفة الجودة بالزّيافة فكانت من جنس حقّه أصلاً لا وصفاً فكانت الزّيافة فيها عيباً، والعيب لا يمنع صحّة القبض، كما في بيع العين إذا كان المبيع معيباً. وبالرّدّ ينتقض القبض لكن مقصوراً على حالة الرّدّ. ولا يستند الانتقاض إلى وقت القبض فيبقى القبض صحيحاً. وكان ينبغي أن لا يشترط قبض بدله في مجلس الرّدّ، لأنّ المستحقّ بعقد السّلم القبض مرّةً واحدةً، إلاّ أنّه شرط ؛ لأنّ للرّدّ شبهاً بالعقد، حيث لا يجب القبض في مجلس الرّدّ إلاّ بالرّدّ، كما لا يجب القبض في مجلس العقد إلاّ بالعقد، فألحق مجلس الرّدّ بمجلس العقد، وهذا وجه قول الصّاحبين. كما استدلّوا بأنّ ما جاز إبداله قبل التّفرّق جاز إبداله مع صحّة العقد بعد التّفرّق كالسّلم، وكما أنّ ما لم يجز إبداله قبل التّفرّق من المعيّن لم يجز إبداله بعد التّفرّق. واستدلّوا كذلك بأنّه مضمون في الذّمّة، فجاز إبدال معيبه مع صحّة العقد اعتباراً بما قبل التّفرّق ؛ ولأنّ قبض الثّاني يدلّ على الأوّل قال بهذا الوجه والّذي قبله الشّافعيّة والحنابلة. المذهب الثّاني لأبي حنيفة وزفر، وهو مذهب المالكيّة والقول الثّاني عند الشّافعيّة واختاره المزنيّ. والرّواية الثّانية عند الحنابلة، وهو أنّه إذا رضي به جاز، وإن لم يرض به بطل الصّرف. واستدلّوا على ذلك من وجوه. الوجه الأوّل: أنّ الزّيوف من جنس حقّ المسلم إليه لكن أصلاً لا وصفاً. ولهذا ثبت له حقّ الرّدّ بفوات حقّه عن الوصف، فكان حقّه في الأصل والوصف جميعاً، فصار بقبض الزّيوف قابضاً حقّه من حيث الأصل لا من حيث الوصف إلاّ أنّه إذا رضي به فقد أسقط حقّه عن الوصف وتبيّن أنّ المستحقّ هو قبض الأصل دون الوصف لإبرائه عن الوصف، فإذا قبضه فقد قبض حقّه فيبطل المستحقّ. وإن لم يرض به تبيّن أنّه لم يقبض حقّه ؛ لأنّ حقّه في الأصل والوصف جميعاً فتبيّن أنّ الافتراق حصل لا عن قبض رأس مال السّلم " أو يقال تفرّق لا عن قبض بدل الصّرف " قال بهذا الوجه أبو حنيفة وزفر. والوجه الثّاني: أنّ القول بالبدل في غير المعيّن يترتّب عليه أن يفترقا وذمّة أحدهما مشغولة لصاحبه، ففي البدل صرف مؤخّر، قاله المالكيّة. والوجه الثّالث: أنّ الصّرف يتعيّن بالقبض كما يتعيّن بالعقد، فلمّا لم يجز أن يبدل ما تعيّن بالعقد لم يجز أن يبدل ما تعيّن بالقبض، لأنّه لو أبدل بعد التّفرّق لبطل القبض قبل التّفرّق، وإذا لم يتمّ القبض قبل التّفرّق بطل الصّرف، فكان في إثبات البدل إبطال العقد، فمنع من البدل ليصحّ العقد ؛ ولأنّه لمّا كان الصّرف المعيّن وما في الذّمّة يستويان في الفساد بالتّفرّق قبل القبض ويستويان في الصّحّة بالقبض قبل التّفرّق، وجب أن يستويا في حكم العيب. فلمّا لم يجز أن يبدل معيب ما كان معيباً لم يجز أن يبدل معيب ما كان في الذّمّة، وهذا هو القول الثّاني عند الشّافعيّة. والوجه الرّابع: أنّه إذا تمّ الإبدال بعد التّفرّق صار القبض بعد التّفرّق، وذلك لا يجوز في الصّرف، قاله الشّافعيّة والحنابلة. المسألة الثّالثة: إذا ظهر العيب بعد التّفرّق وكان من غير الجنس: 35 - سبق أنّ الصّرف في الذّمّة إذا ظهر معيباً في المجلس كان له إبداله، سواء كان العيب من الجنس أو غير الجنس. أمّا بعد التّفرّق فإمّا أن يكون العيب من الجنس وقد مرّت آراء الفقهاء فيه. وإمّا أن يكون العيب من غير الجنس، كأن يكون الذّهب نحاساً أو الفضّة رصاصاً. فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول ببطلان الصّرف في هذه الحالة إذا وجد العوض كلّه معيباً، وإلى هذا ذهب الحنفيّة. وهو أيضاً مذهب الشّافعيّة ومذهب الحنابلة، وهو كذلك قول ابن الحاجب من المالكيّة. وقال المالكيّة: إذا طالب بالبدل، أو تتميم النّاقص وأخذ البدل بالفعل، نقض الصّرف. وإذا رضي به مجّاناً صحّ. وقيل عن أحمد أنّه إذا أخذ البدل في مجلس الرّدّ لم يبطله كما لو كان العيب من جنسه، ودليل البطلان عند القائلين به أنّ السّتّوق - وكذا الرّصاص - ليس من جنس الدّراهم. لأنّها لا تروج في معاملات النّاس، فلم تكن من جنس حقّه أصلاً ووصفاً، فكان الافتراق عن المجلس لا عن قبض حتّى لو رضي به لا يجوز لأنّه يكون استبدالاً قبل القبض، وهو لا يجوز. كما أنّهما إن افترقا قبل ردّه فالصّرف فيه فاسد ؛ لأنّهما تفرّقا قبل قبض المعقود عليه، ولم يقبض ما يصلح عوضاً عن المعقود عليه ؛ لأنّ الّذي قبضه غير العوض الّذي وقع عليه العقدة ولا يجوز له إمساكه. كذلك استدلّوا بأنّه إذا كان الصّرف من جنس واحد فإنّه يؤدّي إلى التّفاضل في الجنس الواحد، وهو لا يجوز، وهذا إذا كان العيب في جميع العوض. أمّا إذا كان في بعضه بطل الصّرف في هذا البعض وصحّ في الباقي، كما ذهب إليه الحنفيّة والشّافعيّة على الصّحيح من المذهب، وإن كان أبو إسحاق المروزيّ من الشّافعيّة يخرّجه على قولين من تفريق الصّفقة.
36 - تعرّض الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة لمسألة الاستحقاق في الصّرف، ولكلّ منهم فيها تفصيل يحسن معه إفراد كلّ مذهب على حدة. وحاصل مذهب الحنفيّة فيما لو استحقّ العوض في الصّرف أنّه لو أجاز المستحقّ جاز، سواء كانت الإجازة قبل التّفرّق أو بعده والمستحقّ قائم إلاّ أنّه إذا كان المستحقّ دراهم أو دنانير وكان ذلك قبل القبض فوجود الإجازة وعدمها سواء، لأنّ الدّراهم والدّنانير عندهم لا تتعيّن، فله أن يأخذ غيرها، وإن لم يجز بطل الصّرف في المستحقّ. فإذا كان العقد وارداً على غير معيّن، والمستحقّ البعض، صحّ الصّرف في الباقي ولا خيار. أمّا إذا كان معيباً - كالإناء المصوغ أو قلب فضّة بذهب - فإن شاء المشتري إمساك الباقي كان له ذلك، وإلاّ فله الرّدّة ; لأنّ الشّركة في الإناء أو القلب عيب. وقال المالكيّة: إذا وقع الصّرف على غير المصوغ - وهو يشمل المسكوك وغيره عدا الصّوغ - فإن كان الاستحقاق بعد مفارقة أحدهما المجلس أو بعد طول فإنّ عقد الصّرف ينقض، سواء كان المستحقّ معيّناً حال العقد أم لا على المشهور. وإن كان بحضرة العقد صحّ عقد الصّرف، سواء كان معيّناً أم لا، إلاّ أنّ غير المعيّن يجبر فيه على البدل من أراد نقض الصّرف، وأمّا المعيّن فإنّ صحّة العقد فيه بما إذا تراضيا على البدل، ولا جبر فيه، وقيل: غير مقيّدة. أمّا المصوغ، فإن استحقّ نقض الصّرف كان استحقاقه بحضرة العقد أو بعد طول، معيّناً أم لا ؛ لأنّ الصّوغ يراد لعينه وغيره لا يقوم مقامه. هذا إذا لم يجز المستحقّ. أمّا إذا أجازه فله إجازته، ويأخذ مقابله ولو في الحالة الّتي ينقض فيها في المصوغ مطلقاً، وفي غيره بعد المفارقة أو الطّول. وعند الحنابلة ذكروا أثناء الكلام على الدّراهم والدّنانير هل تتعيّن بالتّعيين أم لا ؟ أنّ لهم في ذلك روايتين إحداهما: وهي المشهورة في المذهب: أنّ الدّراهم والدّنانير تتعيّن بالتّعيين. وممّا يترتّب على ذلك أنّه لو بان الثّمن مستحقّاً فعلى الصّحيح في المذهب تبطل العقد لأنّه وقع على ملك الغير.
37 - إن كان العيب في رأس مال السّلم بأن وجد في الثّمن زيوفاً بعد التّفرّق ردّه ولو بعد شهر، ويجب على المسلم أن يعجّل له البدل، وإلاّ فسد ما يقابله. ويغتفر التّأخير ثلاثة أيّام ولو بالشّرط، وأمّا التّأخير بأكثر منها فلا يجوز. وهذا هو مذهب المالكيّة: ففي المدوّنة الكبرى: إن أسلمت في حنطة. فلمّا تفرّقنا أصاب رأس المال نحاساً أو رصاصاً أو زيوفاً بعد شهر أو شهرين فجاء ليبدّل فيبدّل ولا ينتقض السّلف، وكذلك لو أسلمت دراهم في عروض أو طعام. فأتى البائع ببعض الدّراهم بعد شهر أو أيّام فقال: أصبتها زيوفاً، فقلت: دعها فأنا أبدلها لك بعد يوم أو يومين لا بأس بذلك. وإلى هذا ذهب أبو يوسف ومحمّد من الحنفيّة. وهو الوجه الأوّل للحنابلة بشرط قبض البدل في مجلس الرّدّ، لأنّ القبض الأوّل كان صحيحاً، ولأنّ للرّدّ شبهاً بالعقد حيث لا يجب القبض في مجلس الرّدّ إلاّ بالرّدّ، كما لا يجب القبض في مجلس العقد إلاّ بالعقد، فألحق مجلس الرّدّ بمجلس العقد. وقال أبو حنيفة وزفر، وهو الوجه الثّاني عند الحنابلة: إن وجد في الثّمن زيوفاً بعد التّفرّق فردّه بطل السّلم سواء استبدل في مجلس الرّدّ أو لا ؛ لأنّ الزّيوف من جنس حقّ المسلم إليه. لكن أصلاً لا وصفاً، ولهذا ثبت له حقّ الرّدّ بفوات حقّه عن الوصف، فكان حقّه في الأصل والوصف جميعاً، فصار بقبض الزّيوف قابضاً حقّه من حيث الأصل لا من حيث الوصف، إلاّ أنّه إذا رضي به، فقد أسقط حقّه عن الوصف، وتبيّن أنّ المستحقّ هو قبض الأصل دون الوصف لإبرائه إيّاه عن الوصف فإذا قبضه فقد قبض حقّه، فيبطل المستحقّ. وإن لم يرض به تبيّن أنّه لم يقبض حقّه ؛ لأنّ حقّه في الأصل والوصف جميعاً، فتبيّن أنّ الافتراق حصل لا عن قبض رأس مال السّلم.
38 - لو اطّلع المستأجر على عيب في الشّيء المستأجر في مدّة العقد، وكان هذا العيب يخلّ بالانتفاع بالمعقود عليه ويفوّت المقصود بالعقد مع بقاء العين، فله الفسخ سواء أكان العيب قديماً أم حديثاً، وسواء أكان قبل القبض أم بعده. فكلّ ما يحول بين المستأجر والمنفعة من تلف العين المستأجرة أو غصبها أو تعيّبها كجموح الدّابّة وحدوث خوف عامّ يمنع من سكنى الدّار أو كان الجار سوءاً تفسخ به الإجارة. وتفصيل ذلك في مصطلح (إجارة ف /74).
39 - ذهب جمهور الفقهاء الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة: إلى أنّه إذا وجد أحد المتقاسمين عيباً في نصيبه فله الرّدّ بالعيب كما في البيع، فيشترط فيه شروط البيع. وفي قسمة المنافع يشترط فيها ما يشترط في الإجارة. وكذلك في الاستحقاق، بأن يستحقّ بعض معيّن من نصيب واحد فقط فله الخيار إن شاء رجع بقسطه وإن شاء نقض القسمة. وأمّا المالكيّة فقد توسّعوا في مبدأ الرّدّ بالعيب من غير فرق بين عقار ومنقول، أو قسمة إجبار أو قسمة اختيار، ثمّ فرّقوا في الرّدّ بين أن يكون العيب في أكثر نصيبه أو أقلّه. ويرون أنّ المستحقّ منه إن شاء تمسّك لم يرجع بشيء على شريكه، وإن شاء رجع عليه شريكاً في نصيبه بقدر ما يخصّه هو فيما استحقّ منه. وتفصيل ذلك في مصطلح (قسمة).
40 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه إذا وجد ببدل الصّلح عيباً ثبت الرّدّ من الجانبين إن كان الصّلح عن إقرار، لأنّه بمنزلة البيع، وإن كان عن إنكار يثبت في جانب المدّعي ولا يثبت في جانب المدّعى عليه، لأنّ هذا بمنزلة البيع في حقّه، لا في حقّ المدّعى عليه. ولو وجد ببدل الصّلح عيباً فلم يقدر على ردّه لمانع كالهلاك أو الزّيادة أو النّقصان في هذا البدل في يد المدّعي، فإن كان الصّلح عن إقرار يرجع على المدّعى عليه بحصّة العيب في المدّعي، وإن كان عن إنكار رجع بحصّة العيب على المدّعى عليه في دعواه " أي فيرجع إلى دعواه الأولى "، فإن أقام البيّنة أخذ حصّة العيب، وكذلك إذا حلّفه فنكل، وإن حلف فلا شيء عليه. وقال المالكيّة: إن وجد المصالح فيما صالح به من عبد أو ترس أو ثوب عيباً ظهر فيه بعد الصّلح، أو استحقّ الصّلح به، أو أخذ بشفعة ثبت حقّ الرّدّ، ورجع بقيمته يوم عقد الصّلح. وقال الشّافعيّة: إنّ الصّلح قد يجري بين المتداعيين عن إقرار على عين غير المدّعاة، فيكون بيعاً بلفظ الصّلح تثبت فيه أحكامه، ومنها الرّدّ بالعيب. وقد يجري بين المدّعي والأجنبيّ، فيصالح الأجنبيّ عن العين لنفسه بعين ماله أو بدين في ذمّته، فيصحّ الصّلح للأجنبيّ وكأنّه اشتراه. وقال الحنابلة: لو صالح المدّعى عليه عن دار أو عبد بعوض فبان العوض مستحقّاً، أو بان العبد حرّاً، رجع المدّعي في الدّار المصالح عنها إن كان باقياً، أو بقيمته إن كان المصالح عنه تالفاً. وإن كان مثليّاً فبمثله ؛ لأنّ الصّلح هنا بيع حقيقةً إذا كان عن إقرار. فإن كان الصّلح عن إنكار وظهر العوض مستحقّاً رجع المدّعي بالدّعوى قبل الصّلح لتبيّن بطلان الصّلح.
41 - ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا تعيّب المغصوب عند الغاصب بما يوجب نقصاناً في قيمته أو يفوّت جزءاً منه، أو يفوّت صفةً مرغوباً فيها أو معنًى مرغوباً فيه ضمن ذلك كلّه. قال ابن قدامة: إذا غصب الرّجل ثوباً فلبسه فأبلاه، فنقص نصف قيمته لزمه ردّه وأرش نقصه، فلو غصب ثوباً قيمته عشرة، فنقصه لبسه حتّى صارت قيمته خمسةً ثمّ زادت قيمته فصارت عشرةً ردّه وردّ خمسةً ؛ لأنّ ما تلف قبل غلاء الثّوب ثبتت قيمته في الذّمّة خمسةً، فلا يعتبر ذلك بغلاء الثّوب ولا رخصه. وكذلك لو رخصت الثّياب فصارت قيمته ثلاثةً لم يلزم الغاصب إلاّ خمسة مع ردّ الثّوب. ولو تلف الثّوب كلّه وقيمته عشرة، ثمّ غلت الثّياب فصارت قيمة الثّوب عشرين، لم يضمن إلاّ عشرةً ؛ لأنّها ثبتت في الذّمّة عشرةً فلا تزداد بغلاء الثّياب ولا تنقص برخصها. العيب في الزّوج والزّوجة: 42 - اتّفق الأئمّة الأربعة على جواز التّفريق بين الزّوج للعيوب المنصوص عليها عندهم وإن اختلفوا في تفصيل ذلك وفي تعيين العيوب الّتي يفسخ بها النّكاح. وتفصيل ذلك في مصطلح (طلاق ف /93 وما بعدها).
43 - اتّفق الفقهاء على جواز التّضحية من جميع بهيمة الأنعام وإن اختلفوا في الأفضل منها. كما اتّفق الفقهاء على أنّ الحيوان المصاب بعيب من العيوب الأربعة لا يجوز ذبحه في الأضحيّة، وهي العيوب الّتي ورد فيها حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عن البراء بن عازب قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «أربع لا تجوز في الأضاحيّ، العوراء بيّن عورها، والمريضة بيّن مرضها، والعرجاء بيّن ظلعها، والكسير الّتي لا تنقي»، ونقل النّوويّ وابن رشد الإجماع على أنّ هذه الأربع لا تجزي في الأضحيّة، وأجمعوا على أنّ ما كان أخفّ من هذه العيوب الأربعة لا يؤثّر، وما كان من العيوب أشدّ من هذه العيوب الأربعة فهي أحرى أن تمنع كالعمى وكسر السّاق مثلاً. واختلفوا فيما كان من العيوب مساوياً لها في نقص اللّحم. وتفصيل ذلك في مصطلح (أضحيّة ف /24 وما بعدها).
44 - الهدي إن كان تطوّعاً غير واجب فقد ذهب الفقهاء إلى أنّه إذا تعيّب بعيب يمنع الإجزاء أو عطب أو ضلّ لم يلزمه شيء ؛ لأنّه نوى الصّدقة بشيء من ماله لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: «من أهدى تطوّعاً ثمّ ضلّت، فإن شاء أبدلها وإن شاء ترك، وإن كانت في نذر فليبدل»، وفي رواية قال: «من أهدى بدنةً تطوّعاً فعطبت فليس عليه بدل، وإن كان نذراً فعليه البدل». وأمّا الهدي الواجب، سواء كان واجباً بالنّذر في ذمّته أو واجباً بغيره، كهدي التّمتّع، أو بترك واجب أو فعل محظور من محظورات الحجّ، فإن كان غير معيّن فتعيّب أو عطب لم يجزئه ذبحه، وعليه الهدي الّذي كان واجباً. وتفصيل ذلك في مصطلح (هدي).
45 - الحيوان المصاب بعيب كالعمى والعور والهرم وغيرها من العيوب، اختلف الفقهاء في أخذه في الزّكاة. فذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والشّافعيّة والصّحيح من مذهب الحنابلة إلى أنّ حيوانات النّصاب إذا كانت كلّها معيبةً فإنّ فرض الزّكاة يؤخذ من المعيب، ويراعى الوسط، ولا يكلّف ربّ المال شراء صحيحة لإخراجها في الزّكاة. واستدلّوا على هذا بقول الرّسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عبّاس رضي الله عنهما «إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمّا بعث معاذاً إلى اليمن قال له إيّاك وكرائم أموالهم» وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عن عبد اللّه بن معاوية الغاضريّ من غاضرة قيس رضي الله عنه وفيه: «ولا يعطي الهرمة ولا الدّرنة، ولا المريضة، ولا الشّرط اللّئيمة، ولكن من وسط أموالكم فإنّ اللّه لم يسألكم خيره، ولم يأمركم بشرّه». وأيضاً فإنّ أخذ الصّحيحة عن المراض إخلال بالمواساة، والزّكاة على المواساة. وذهب المالكيّة وأبو بكر من الحنابلة إلى أنّه لا تجزئ إلاّ صحيحة، ففي المنتقى للباجيّ: ولا يخرج في زكاة الحيوان معيبةً كتيس وهرمة ولا ذات عوار - بالفتح وهو العيب - وإنّما يأخذ في الزّكاة ما فيه منفعة النّسل، فما كان من الأنعام مريضاً أو جرباً أو أعور فليس على المصدّق أخذه، إلاّ أن يرى المصدّق أنّها أغبط وأفضل ممّا يجزئ عنه من الصّحيح فإنّ له أخذها، ويجزئ عن ربّها ذلك. وإن كانت الغنم كلّها تيوساً أو هرمةً أو ذات عوار فإنّ على ربّ الغنم أن يأتيه بما يجزئ. واستدلّ المالكيّة على عدم الأخذ من الأنعام المعيبة بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ}. وأيضاً فإنّ هذا حيوان يخرج على وجه القربة فكان من شرطه السّلامة كالضّحايا. ونقل عن الإمام مالك في المدوّنة قوله: يحسب على ربّ الغنم كلّ ذات عوار، ولا يأخذ منها، والعمياء من ذوات العوار، ولا تؤخذ منها ولا من ذوات العوار. وهذا كلّه إذا كانت حيوانات النّصاب كلّها مريضةً معيبةً، أمّا إذا كانت صحيحةً فقد ذهب الفقهاء إلى أنّه لا يجوز إخراج المعيبة عن الصّحيحة للحديث السّابق. وإن كان بعضها معيباً وبعضها صحيحاً لا يقبل إلاّ الصّحيح عنها في الزّكاة.
1 - العيد لغةً مشتقّ من العود، وهو الرّجوع والمعاودة لأنّه يتكرّر. ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ، وهو يومان: يوم الفطر من رمضان وهو أوّل يوم من شوّال، ويوم الأضحى وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة، ليس للمسلمين عيد غيرهما. تتعلّق بالعيد أحكام منها: أ - صلاة العيد: 2 - اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد. فذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة، لحديث الأعرابيّ «الّذي ذكر له النّبيّ صلى الله عليه وسلم الصّلوات الخمس فقال: هل عليَّ غيرهنّ ؟ قال: لا، إلاّ أن تطّوّع». وذلك مع فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم لها ومداومته عليها. وذهب الحنفيّة - على المفتى به عندهم - إلى أنّها واجبة، لمواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرّةً ؛ ولأنّها تؤدّى بجماعة، فلو كانت سنّةً ولم تكن واجبةً لاستثناها الشّارع، كما استثنى التّراويح وصلاة الخسوف. وذهب الحنابلة إلى أنّها فرض كفاية لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ولمداومة النّبيّ صلى الله عليه وسلم على فعلها. والتّفصيل في مصطلح (صلاة العيدين ف /2 وما بعدها). ب - التّكبير في العيدين: 3 - التّكبير في العيدين يكون في أثناء الصّلاة وفي الطّريق إليها وبعد انقضائها. أمّا التّكبير في الغدوّ إليها، فقد ذهب الفقهاء إلى مشروعيّته عند الغدوّ إلى الصّلاة في المنازل والأسواق والطّرق إلى أن تبدأ الصّلاة. وتفصيل ذلك في مصطلح: (صلاة العيدين ف /13). أمّا التّكبير في أثناء صلاة العيد (التّكبيرات الزّوائد) فهي سنّة عند جمهور الفقهاء، واجبة عند الحنفيّة. وفي بيان عدد هذه التّكبيرات وموضعها في الصّلاة اختلاف وتفصيل ينظر في مصطلح: (صلاة العيدين ف /11، 12). أمّا التّكبير في أدبار الصّلاة فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّته في أيّام التّشريق، وهو مندوب عند جمهور الفقهاء، واجب عند الحنفيّة. وللتّفصيل في صفة تكبير التّشريق ووقته ومحلّ أدائه ينظر مصطلح: (أيّام التّشريق ف/ 13). ج - الأضحيّة في العيد: 4 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الأضحيّة في عيد الأضحى، واختلفوا في حكمها. فذهب الجمهور إلى أنّها سنّة وقال الحنفيّة بوجوبها. وفي بيان شروطها وأحكامها ووقتها اختلاف وتفصيل ينظر في مصطلح: (أضحيّة ف /7 وما بعدها). د - ما يستحبّ فعله في العيدين: 5 - يستحبّ إحياء ليلتي العيد بطاعة اللّه تعالى من ذكر وصلاة وتلاوة وتكبير وتسبيح واستغفار، لحديث «من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب». ويستحبّ الغسل للعيد لما روى ابن عبّاس والفاكه بن سعد رضي الله عنهم «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى» ولأنّه يوم يجتمع النّاس فيه للصّلاة فاستحبّ الغسل فيه كيوم الجمعة، وإن اقتصر على الوضوء أجزأه، ويستحبّ أن يتزيّن ويتنظّف ويحلق شعره ويلبس أحسن ما يجد ويتطيّب ويتسوّك، لما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين بردي حبرة». وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوب مهنته لجمعته أو لعيده»،وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبّون الطّيب والزّينة في كلّ عيد، والإمام بذلك أحقّ، لأنّه منظور إليه من بينهم. وأفضل ألوان الثّياب البياض، فعلى هذا إن استوى ثوبان في الحسن والنّفاسة فالأبيض أفضل، فإن كان الأحسن غير أبيض فهو أفضل من الأبيض في هذا اليوم. فإن لم يجد إلاّ ثوباً استحبّ أن يغسله للعيد. ويستوي في استحباب تحسين الثّياب والتّنظيف والتّطيّب وإزالة الشّعر والرّائحة الكريهة، الخارج إلى الصّلاة والقاعد في بيته، لأنّه يوم الزّينة فاستووا فيه، وهذا في حقّ غير النّساء. وأمّا النّساء إذا خرجن فإنّهنّ لا يتزيّنّ، بل يخرجن في ثياب البذلة، ولا يلبسن الحسن من الثّياب ولا يتطيّبن لخوف الافتتان بهنّ، وكذلك المرأة العجوز وغير ذوات الهيئة يجري ذلك في حكمها، ولا يخالطن الرّجال بل يكنّ في ناحية منهم. ويستحبّ تزيين الصّبيان ذكوراً كانوا أو إناثاً بالمصبّغ وبحليّ الذّهب ولبس الحرير في العيد، قال النّوويّ: اتّفقوا على إباحة تزيينهم بالمصبّغ وحليّ الذّهب والفضّة يوم العيد لأنّه يوم زينة، وليس على الصّبيان تعبّد فلا يمنعون لبس الذّهب وغيره، وأمّا في غير يوم العيد ففي تحليتهم بالذّهب ولباسهم الحرير ثلاثة أوجه، أصحّها: جوازه. والثّاني: تحريمه، والثّالث: جوازه قبل سبع سنين ومنعه بعدها. وتستحبّ العمامة في العيد. هـ - التّهنئة بيوم العيد: 6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى مشروعيّة التّهنئة بالعيد من حيث الجملة. وللتّفصيل انظر مصطلح (تهنئة ف /10). و - التّزاور في العيدين: 7 - التّزاور مشروع في الإسلام، وقد ورد ما يدلّ على مشروعيّة الزّيارة في العيد، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال مزمار الشّيطان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما» زاد في رواية هشام: «يا أبا بكر إنّ لكلّ قوم عيداً، وهذا عيدنا» قال في الفتح: قوله: «وجاء أبو بكر " وفي رواية هشام بن عروة " دخل عليّ أبو بكر " وكأنّه جاء زائراً لها بعد أن دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيته. ونقل في فتح الباري في الحكمة من مخالفته صلى الله عليه وسلم الطّريق يوم العيد أقوالاً منها: ليزور أقاربه من الأحياء والأموات ولم يضعّفه كما فعل مع بعضها ومثله في عمدة القاريّ، وذلك تعليقاً على حديث جابر رضي الله عنه «كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطّريق». ز - الغناء واللّعب والزّفن يوم العيد: 8 - يجوز الغناء واللّعب والزّفن في أيّام العيدين، لما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحوّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمار الشّيطان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما. فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السّودان بالدّرق والحراب، فإمّا سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإمّا قال: تشتهين تنظرين ؟ فقلت نعم، فأقامني وراءه، خدّي على خدّه، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتّى إذا مللت قال: حسبك ؟ قلت نعم، قال: فاذهبي» وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينما الحبشة يلعبون عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: دعهم يا عمر». وعن أنس رضي الله عنه: «كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون: محمّد عبد صالح، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ما يقولون ؟ قالوا: يقولون: محمّد عبد صالح». ح - زيارة المقابر في العيد: 9 - تستحبّ في العيد زيارة القبور والسّلام على أهلها والدّعاء لهم، لحديث: «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» وفي رواية «فإنّها تذكّر الآخرة» وحديث أبي هريرة مرفوعاً: «زوروا القبور فإنّها تذكّر الموت». وكره زيارتها ابن سيرين وإبراهيم النّخعيّ والشّعبيّ. ط - عظة النّساء: 10 - يستحبّ وعظ النّساء بعد صلاة العيد، وتعليمهنّ أحكام الإسلام، وتذكيرهنّ بما يجب عليهنّ، ويستحبّ حثّهنّ على الصّدقة، وتخصيصهنّ بذلك في مجلس منفرد، ومحلّ ذلك كلّه إذا أمنت الفتنة والمفسدة " قال ابن جريج: أخبرني عطاء عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال: سمعته يقول «قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلّى، فبدأ بالصّلاة ثمّ خطب، فلمّا فرغ نزل فأتى النّساء، فذكّرهنّ وهو يتوكّأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النّساء الصّدقة» قلت: " يعني ابن جريج لعطاء " أترى حقّاً على الإمام ذلك ويذكّرهنّ ؟ قال: إنّه لحقّ عليهم، ومالهم لا يفعلونه ؟ قال في الفتح: ظاهره أنّ عطاءً كان يرى وجوب ذلك، ولهذا قال عياض: لم يقل بذلك غيره، وأمّا النّوويّ فحمله على الاستحباب، وقال: لا مانع من القول به إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة.
1 - تطلق العين في اللّغة على معان كثيرة ضبطتها كتب اللّغة. والعين في موضوعنا يقصد بها العين الّتي تسبّب الإصابة بها، يقال: عانه يعينه عيناً أصابه بعينه فهو عائن والمصاب مَعين - بفتح الميم - وما أعينه !.. أي: ما أشدّ إصابته بالعين، والعيون - بفتح العين - والمعيان الشّديد الإصابة بالعين، والمعين والمعيون المصاب بها والعائنة مؤنّث العائن. واستعمل العرب مادّة: نجأ، للدّلالة على الإصابة بالعين فيقال: نجأه نجأً أصابه بالعين ورجل نجوء العين أي خبيثها شديد الإصابة بها، وأيضاً يقال: رجل مسفوع أي أصابته سفعة - بالفتح - أي عين، ويقال أيضاً: رجل نفوس إذا كان حسوداً يتعنّ أموال النّاس ليصيبها بعين وأصابت فلاناً نفس أي عين. وفي الاصطلاح عرّفها ابن حجر بقوله: نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطّبع يحصل للمنظور منه ضرر. وعرّفها أبو الحسن المنوفيّ بأنّها: سمّ جعله اللّه في عين العائن إذا تعجّب من شيء ونطق به ولم يبارك فيما تعجّب منه.
أ - الحسد: 2 - الحسد في اللّغة: كره النّعمة عند الغير وتمنّي زوالها، يقال: حسدته النّعمة: إذا كرهتها عنده. واصطلاحاً: عرّفها الجرجانيّ بأنّها تمنّي زوال نعمة المحسود إلى الحاسد. والصّلة أنّ الحسد أصل الإصابة بالعين. ب - الحقد: 3 - الحقد لغةً: الانطواء على العداوة والبغضاء. واصطلاحاً: سوء الظّنّ في القلب على الخلائق لأجل العداوة. والصّلة أنّ الحقد قد يكون سبباً للإصابة بالعين.
4 - الإصابة بالعين ثابت موجود أخبر الشّرع بوقوعه في الكتاب والسّنّة فقال اللّه تعالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} أي يعتانونك بعيونهم فيزيلونك عن مقامك الّذي أقامك اللّه فيه عداوةً وبغضاً فيك، فهم كانوا ينظرون إليه نظر حاسد شديد العداوة يكاد يزلقه لولا حفظ اللّه وعصمته له. وقد أرادوا بالفعل أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش كانوا مشتهرين بذلك فقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه، بقصد إصابته بالعين، فعصمه اللّه من شرورهم وأنزل عليه هذه الآية الكريمة. وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «العين حقّ» وروى أبو ذرّ رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «العين تدخل الرّجل القبر والجمل القدر». وإنّما يكون ذلك بإرادة اللّه تعالى ومشيئته، قال ابن العربيّ: إنّ اللّه يخلق عند نظر العائن إلى المعاين وإعجابه به إذا شاء ما شاء من ألم أو هلكة، وكما يخلقه بإعجابه وبقوله فيه فقد يخلقه ثمّ يصرفه دون سبب، وقد يصرفه قبل وقوعه بالاستعاذة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما بما كان يعوّذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهم السلام بقوله: «أعوذ بكلمات اللّه التّامّة من كلّ شيطان وهامّة ومن كلّ عين لامّة».
أ - التّبريك: 5 - المقصود بالتّبريك هنا الدّعاء من العائن للمعين بالبركة عند نظره إليه فذلك - بإرادة اللّه تعالى ومشيئته - يحول دون إحداث أيّ ضرر بالمعين ويبطل كلّ أثر من آثار العين روي عن محمّد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنّه سمع أباه يقول: «اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرّار، فنزع جبّةً كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر إليه، قال: وكان سهل رجلاً أبيض حسن الجلد قال: فقال له عامر بن ربيعة: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء قال: فوعك سهل مكانه واشتدّ وعكه - أي صرع - فأتي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأخبر أنّ سهلاً وعك، وأنّه غير رائح معك يا رسول اللّه، فأتاه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم " فأخبره سهل بالّذي كان من شأن عامر بن ربيعة، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: {علام يقتل أحدكم أخاه ؟ ألاّ برّكت» - مخاطباً بذلك عامراً متغيّظاً عليه ومنكراً - أي قلت: بارك اللّه فيك فإنّ ذلك يبطل المعنى الّذي يخاف من العين ويذهب تأثيره، ثمّ قال: «إنّ العين حقّ، توضّأ له فتوضّأ له عامر، فراح سهل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليس به بأس». قال ابن عبد البرّ: يقول له: تبارك اللّه أحسن الخالقين، اللّهمّ بارك فيه ولا تضرّه، وأيضاً روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم «من رأى شيئاً فأعجبه فقال: ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه لم يضرّه». قال العدويّ: فواجب على كلّ من أعجبه شيء عند رؤيته أن يبارك ليأمن من المحذور وذلك بأن يقول: تبارك اللّه أحسن الخالقين، اللّهمّ بارك فيه. ب - الغسل: 6 - يجب على العائن إذا دعاه المعين للاغتسال أن يغتسل لما روى ابن عبّاس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «العين حقّ، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا». قال الذّهبيّ: قوله صلى الله عليه وسلم: استغسلتم أي إذا طلب منكم من أصبتموه بالعين أن تغسلوا له فأجيبوه وهو أن يغسل العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثمّ يصبّ على المعين ويكفأ القدح وراءه على ظهر الأرض وقيل: يغسله بذلك حين يصبّه عليه فيبرأ بإذن اللّه تعالى. ج - الرّقية: 7 - الرّقيّ ممّا يستطبّ به للإصابة بالعين مشروع لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أمرني النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو أمر أن يسترقى من العين». وعن أمّ سلمة رضي الله عنها زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم «أنّه رأى في بيتها جاريةً في وجهها سفعةً فقال: استرقوا لها فإنّ بها النّظرة». وقال الذّهبيّ: الرّقيّ والتّعاوذ إنّما تفيد إذا أخذت بقبول وصادفت إجابةً وأجلاً، فالرّقيّ والتّعوّذ التجاء إلى اللّه سبحانه وتعالى ليهب الشّفاء كما يعطيه بالدّواء. وقال ابن القيّم: إنّما يسترقى من العين إذا لم يعرف العائن، أمّا إذا عرف العائن الّذي أصابه بعينه فإنّه يؤمر بالاغتسال.
8 - قال المالكيّة: إذا أتلف العائن شيئاً فإنّه يضمنه أمّا إذا قتل بعينه فعليه القصاص أو الدّية إذا تكرّر منه ذلك بحيث يصير عادةً. ونقل ابن حجر عن النّوويّ قوله: لا يقتل العائن ولا دية ولا كفّارة عليه لأنّ الحكم إنّما يترتّب على الأمر المنضبط العامّ دون ما يختصّ ببعض النّاس وبعض الأحوال ممّا لا انضباط له، كيف ولم يقع منه فعل أصلاً، وإنّما غايته حسد وتمنّ لزوال النّعمة، وأيضاً فالّذي ينشأ عن الإصابة بالعين حصول مكروه لذلك الشّخص ولا يتعيّن ذلك المكروه في زوال الحياة، فقد يحصل له مكروه بغير ذلك من أثر العين. والنّقول من مختلف المذاهب متضافرة على ما ذكره ابن بطّال من كون الإمام يمنع العائن من مخالطة النّاس إذا عرف بذلك ويجبره على لزوم بيته لأنّ ضرره أشدّ من ضرر المجذوم وآكل البصل والثّوم في منعه من دخول المساجد، وإن افتقر فبيت المال تكفيه الحاجة لما في ذلك من المصلحة وكفّ الأذى.
انظر: بيع العينة.
انظر: غيبة.
انظر: قضاء الحاجة.
|